أوسكار تاوبر: مصوّر صحفي

من راية سوداء في مدينة حمراء

السبت, 23.11.19, 20:00

السبت, 02.05.20

:

,

لمعلومات إضافية:

04-6030800

شارك

نشط في حيفا في الخمسينات عددٌ من المصوّرين المحترِفين، عمل بعضهم لصالح المؤسسات المحلية والهيئات الرسمية. على سبيل المثال، وثّق عميرام عيرف ("مُختبَر تصوير سوليل بونيه") وموشيه غروس (ستوديو "كيرن أور") الصناعة الواسعة الانتشار والبناء المكثّف في تلك الفترة. وإلى جانب المحليين، نشط مصوِّرون حلّوا ضيوفًا على المدينة ووثّقوا بآلات تصويرهم مناظر المدينة المميَّزة، مثل بوريس كرمي وزولطان كروغر. وفي تلك السنين، بدأ يظهر أيضًا تصوير توثيقي نقدي تابَع مسائل اجتماعية وسياسية كانت مهمّشة في النقاش العامّ. نُشرت هذه الصُّوَر أيضًا على صفحات الصُّحُف. كان يقود الخطّ الواضح للتصوير التوثيقي الصحفي أوسكار تاوبر، الذي صوّر لعُقود تحقيقات الصحافة المُصوَّرة بين الجماهير في البِلاد، وبين سكّان حيفا خُصوصًا. كأحد أبرز مصوّري الصحافة في البِلاد في زمنه، رأى تاوبر أنّ مهمته هي أن يكون بوقًا للأحداث في المدينة، وهكذا ترك بصمته في صُوَره، التي نُشرت في البِلاد والخارج.  

وُلد تاوبر عام 1909 في مدينة كريزفيسي في كرواتيا. انضمّ منذ سنّ مبكرة إلى جمعية "مكابي زغرب"، حيث كان رياضيّا معروفا. درس في كرواتيا وسويسرا في مدارس للدراسات العُليا في مواضيع التجارة واللغات. وبالتوازي مع ذلك، بدأ بدراسة التصوير وتحميض الصُّور. عمل كمترجم ومُختزِل (stenographer) بخمس لغات: الكرواتية، الألمانية، الإيطالية، الفرنسية، والإنجليزية.

في الحرب العالمية الثانية، في 22 نيسان 1941، اعتقل الغستابو تاوبر، وبعد أربعة أشهر أُطلق سراحه بمساعدة صديقته لنكا - ليئة (فينتسي)، وهرب الاثنان إلى سلوفينيا حيث تزوّجا. ومن هناك هربا إلى الجبال في إيطاليا وانضمّا إلى حركات المقاومة، التي عمل فيها تاوبر كصِلة وصل مع قوّات الحلفاء حول إسقاط المعدّات والعناصر القتالية بالمظلات. في نيسان 1945، هاجرا إلى إسرائيل وسُجنا في معسكر الاعتقال في عتليت. حرّرهما من هناك روبرت، شقيق أوسكار، الذي كان مندوب "كوداك" في الشرق الأوسط. بعد تحريرهما، انتقل الزوجان للسكن في برديس حنا، حيث بدأ تاوبر يصوّر معسكرات البريطانيين وتجنَّد لقوّات "الهاغاناه" في مواقع عسكرية في منطقة كيبوتس عين شيمر. وقد قاتل ووثّق النشاطات بكاميرته، كما انشغل بتحميض الصّور الجوية في مكتب القيادة في يافا.

عام 1948، وصل مع زوجته وابنه يوسف (سنتَين) إلى حيفا وبدأ بالعمل كمصوّر في ستوديو. شمل عمله الصور الشخصية والمناسَبات العائلية. استخدم شقته ذات الغرفتَين في شارع موريا 27 كبيت للسكن، ستوديو، و"غرفة مظلمة" لتحميض الصُّور. منذ بداية سنة 1950، التي وُلدت فيها ابنته داليا، بدأ بالعمل كمصوّر صحفي رسمي لصالح جريدة "هعولام هزيه" (هذا العالم)، مجلة "لإيشاه"، ووكالتَي الأنباء الخارجيّتَين ‏U.P‏ و A.P. كما عمل مصوّرًا حرّا مع جميع الصحف القُطرية والمحلية.

كان تاوبر مصوّرًا صحفيا بالأساس، وغطى جميع الأحداث، خُصوصًا في حيفا والشمال، لكنه وصل حتى غزّة، الخليل، الإسماعيلية، والسويس أثناء حرب الاستنزاف في سيناء. شمل عمله تحقيقات صحفية مصوّرة اجتماعية وسياسية، إلى جانب دعوات من مؤسسات، أحداث سياسية ذات رمزية، وأحداث مختلفة وخصوصية لجميع المؤسَّسات في حيفا - في مجالات التعليم العالي، الرياضة، المسرح، الملاحة، والحياة الاجتماعية والثقافية في المدينة.

بين أعماله صُوَر لشخصيات عامّة معروفة، رؤساء لبلدية حيفا، أفراد مختلفين في السلطة، وممثّلين سينمائيين. وقد وثّق أحداثًا رياضية متنوعة، عُروضًا مسرحية، مخيّمات مهاجرين ("معبروت") في حيقا ومنطقتها، تظاهرات وخطابات سياسية، أحداثًا مثل إلقاء القبض على المُدمِّرة المصرية "إبراهيم الأول"، زيارة الرئيس المصري أنور السادات، افتتاح "الكرمليت" من قِبل رئيس الحكومة الإسرائيلية دافيد بن غوريون، تصوير فيلم "Exodus" (الخروج)، إضافة إلى أحداث رسمية في ميناء حيفا، مخازن الحبوب داجون، التخنيون، وجامعة حيفا.

وأحد أهم الأحداث التي وثّقها كان "أحداث وادي الصليب". فقد صوّر ما حدث عن كثب في شوارع حيفا عام 1959، وكذلك ما حدث في المحاكم، في السجن، ولدى لجنة التحقيق. غطّت صوره الحصرية صفحات "هعولام هزيه" والصحف الإسرائيلية. تُعرَض هذه الصور في معرضنا وتروي القصة بشكل صادق وموثوق به.

حين أصبح عمره 83 عامًا، انتقل تاوبر للسكن في دار للعجزة في المدينة، لكنه استمر في التصوير. توفي عام 2000 مُخلِّفًا آلافا من الأفلام الفوتوغرافية التي تصف نموّ دولة إسرائيل بالأسود والأبيض وبالألوان.

 

 

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك